عبدالله بن علي الجشي
يعد الشاعر المؤرخ عبدالله بن علي الجشي أحد رواد الحركة الشعرية الرومانسية في المملكة العربية السعودية، لما قام به من إسهامات موفقة في علم اللغة العربية والبحث والكتابة في الأدب والشعر، وقد أسدى بذلك خدمة جليلة لفكر هذه الأمة.
ولد الشاعر عبدالله الجشي في القطيف عام 1344 ه ، وتلقى تعليمه على مرحلتين:
*المرحلة الأولى : في القطيف حيث درس القرآن أولاً عند المرحوم ملا عيسى العبدالعال ثم الخط والحساب والسيرة النبوية لدى المرحوم الشيخ ميرزا حسين البريكي .
*المرحلة الثانية : في النجف وكانت دراسته العلمية لدى والده يرحمه الله، والشيخ علي منصور المرهون والشيخ أديب النجفي، والشيخ علي الخليفة. الأحسائي ،
وكان قد هاجر للنجف مع والده عام 1354 ه ، وعمره 10 أعوام . وقد أقام بالنجف حتى عام 1367 ه ، وفي النجف تفتحت مداركه ، وبان نبوغه المبكر ولا سيما في الشعر، وفي سن مبكرة انتسب لجمعية الرابطة الأدبية بالنجف ، وهي تضم مجموعة من أدباء وشعراء النجف البارزين فكان يشاركهم بشعره في الاحتفالات التي يقيمونها في المناسبات ، كمراثي من يتوفى من العلماء والزعماء والساسة البارزين، وكان شعره لا يقل جودة عن غيره من شعراء النجف الكبار، كما أنه صار محررا ثم رئيسا لتحرير مجلة (الغري) التي كان يصدرها الشيخ علي الخاقاني . كما أنه صار لمدة سنتين مسؤولا في مكتبة العلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء. وهي مكتبة عامرة بشتى أنواع الكتب، وفيها مخطوطات نادرة . وقد توفي الشاعر عبدالله الجشي عن عمر يتجاوز الثامنين عام وذلك في 1/3/1429هــ الموافق 9/3/2008م
تواريخ في حياته
1344 هـ - 1926 المجتمع القطيف كان مولده.
1932 سافر إلى العراق مع والدته وأخته وعاش فيها حوالي سنتين ، ثم عاد إلى القطيف .
1935 المجتمع هاجر إلى العراق مرة ثانية مع والده للدراسة في النجف
*1943 المجتمع شارك في مهرجان أقامته جمعية الرابطة الأدبية لوفد من الأدباء المصريين.
*1945 المجتمع تولى تحرير مجلة الغري .
*1947 المجتمع عاد إلى القطيف ، مع عودة والده من النجف الذي عاد بطلب من الأهالي .
*1948 المجتمع سافر إلى البحرين وأقام فيها شهورا ، وشارك في بعض المناسبات .
*1950 المجتمع عمل على جلب الصحف المصرية من مكتبة عمر بايزيد في الخبر لعرضها للبيع والقراءة في القطيف .
*1953 المجتمع سافر إلى الرياض ضمن الوفد الذي عزى الملك سعود بوفاة والده.
*1955 المجتمع بدأ الوظيفة في مصلحة العمل .
*1955 المجتمع شارك في تكوين أول مكتبة عامة في القطيف .
*1960 المجتمع انتدب للمشاركة في تأسيس وزارة العمل في الرياض ، وبقي يعمل فيها حتى عام 1964 المجتمع .
*1963 منح ترقيتين استثناء بناء على توجيهات وزير العمل آنذاك عبدالرحمن أبا الخيل .
*1970 هاجر مرة ثالثة إلى العراق ، وبقي فيها 23 عاما أقامها في بغداد .
*1992 المجتمع عاد إلى القطيف واستقر فيها حتى يومنا هذا .
إنتاجه الثقافي
نشر خلال توليه رئاسة تحرير مجلة الغري سلسلة مقالات بعنوان (الدولة القرمطية في البحرين) ، ثم جمعها في كتاب . كما أن له كتابا عن النفط بعنوان (تاريخ النفط في القديم) وبحوثا تاريخية متنوعة وبحوثا عن أنظمة العمل والعمال نشرها في جريدة أخبار الظهران التي كانت تصدر بالدمام في عقد الستينات الميلادية .
ومن الصحف التي نشرت إنتاجه :
- النجف: الغري، البيان، الاعتدال، الهاتف .
- بغداد : الرأي العام .
- البحرين : القافلة ، صوت البحرين .
- الكويت : البيان ، البعثة .
- لبنان : الألواح ، الأديب ، العرفان .
- السعودية : مجلة العرب ، أخبار الظهران ، اليوم ، البلاد ، الرياض .
ومن زملائه: أحمد الدجيلي، السيد رؤوف جمال الدين ، السيد مصطفى جمال الدين .
ومن أصدقائه: عبدالرضا صادق (لبنان)، الشيخ باقر ابوخمسين ( الاحساء ) ، الشيخ عبدالحميد الخطي (القطيف).
الجوائز التي نالها
*درع وشهادة تقدير من مهرجان الرواد العرب في القاهرة .
*درع مجلس الشورى بالرياض .
الجشي الشاعر
عبدالله الجشي شاعر مكثر ، وقد بدأ ينظم الشعر حينما تفتحت مداركه وهو في النجف، ولما يبلغ العشرين من عمره ، أي إن له أكثر من نصف قرن وهو ينظم الشعر وطُبع له ديوانان هما :
- (الحب للأرض والإنسان) : وفيه مختارات من شعره القديم والجديد .
- و(قطرات ضوء) : وهو مجموع رباعيات نظمها في القطيف بعد عودته من هجرته الثانية للعراق عام 1413 ه - 1993م .
كما أن له ديوانين لم يطبعا، الأول بعنوان (غزل) ، والثاني بعنوان (انطباعات عابر) .
وللجشي ملحمة شعرية تحتوي على ما يقارب ثلاثة آلاف بيت ، وقد نشر منها في مجلة (العرب) التي كان يصدرها حمد الجاسر- يرحمه الله- بعنوان (شراع على السراب).
من شعره في قصيدة (حياتي) :
حياتي ندوة حفلت بشعر
وأسمار كأزهار الربيع
وسماري ذوو أدب رفيع
تدفق بالروائع والبديع
لهم خلق كأسنام الأماسي
رففن بمشرق مثل الشموع
إذا ما مر ذكرهمُ بذهني
تدفقت الخواطر في خشوع
ومن قصيدة عيد ميلادي :
أنا لا أطفئ الشموع احتفاء
بسنين مرت على ميلادي
بل أضيء الشموع مثل النجوم
في سماء من الهنا والوداد
كل عام به أحقق حلما
ذهبيا أولى بضوء معاد
كل تلك الشموع من معطيات
العمر إشراقها يضيء بلادي
ومن قصيدة ذكريات :
كم في سجل الذكريات
مواقف غمزت قناتي
ولكم برمت بما جمعت
وما تفرق من حياتي
ولقد حزنت لأن كنزي
قد تآكل بالشتات
من أرضنا ينطلق الأنبياء
وتشرق الشمس ويحبو السلام
لكننا نطبق أجفاننا
على عيون كحلت بالظلام
لا مجد للشمس إذا لم تكن
تمتعت بها عيون الأنام
لقد أضعنا كل أمجادنا
في سنوات من جنون الخصام
وذكر الأديب السعودي عبدالكريم الجهيمان عن الأديب الجشي أنه شارك بقلمه في إثراء الجوانب الثقافية في البلاد .
وذكر الدكتور علي العبدالقادر أنه عرف الشاعر الجشي بأوجاع أمته العربية .
وذكر الاستاذ محمد رضا الشماسي أن الجشي تأثر بالشاعر محمد مهدي الجواهري عندما كان يدرس بالنجف ، بل كان يغرف من بحره وينحت من صخره ، وأشار إلى أن الحب عند الشاعر الجشي هو عنوان الوطنية ، وعنوان الخلق الإنساني ، فقد أحب الجشي الأرض التي عاش عليها ، لذلك سمى ابنه ب: (قطيف ) وابنته ( يمامة ) وهو الاسم القديم للرياض .
وقال الناقد الدكتور عبدالله الغذامي : إن محبته للجشي هي محبته لهذا الوطن ، لأن ما يحمله الجشي في قلبه وما يقوله في شعره هو ما يجده الغذامي في نفسه ، لذلك فالجشي هو الضمير غير المستتر ، بل هو الضمير الناطق .
وقال عنه الأستاذ خليل الفزيع: الأستاذ عبدالله الجشي من الرعيل الأول من أدبائنا الذين وضعوا أسس حركة فكرية رائدة تصدت لعوامل التحدي الكثيرة في زمن قل فيه القراء وشحت فيه مصادر الثقافة. وهو أحد الأدباء الذين كُرموا في مهرجان الرواد العرب بالقاهرة، يقول الفزيع: فلا عجب أن يكون أحدَ الرواد العرب المكرمين في ذلك المهرجان الذي أقيم برعاية جامعة الدول العربية، ومثله من يستحق التكريم على هذا المستوى العربي الكبير.
وفي ديوانه (الحب للأرض والإنسان)، وهو عنوان يعطي دلالة واضحة ليس على مضمونه فقط، بل أيضاً على مدى تعلق الشاعر الجشي بحب وطنه، كيف لا وهو الذي سمي ابنه قطيف، وابنته يمامة، يقول:
طوفي يمامة بالجزيرة
حلوة الأنغام نشوى
طيري لسربك عودة
البطل الذي بالحب يقوى
إن الديار لتزدهي
بالقرب حيث البعد يقوى
إن اليمامة موطن
لك مثل دارين وصفوى
ولأن الشاعر يملك درجة عالية من الحساسية تجاه قضايا أمته، فقد آلمته أحداث المسلمين في البوسنة والهرسك، ذاكراً مآسي المسلمين في الفردوس المفقود وما تعرض له الأقصى الشريف من انتهاكات على أيدي بني صهيون فقال في قصيدته (عروس البلقان):
أعروسة البلقان كم نزفت
منك الدماء وجفت الجذر
كل الجنائن فيك خاوية
قتل الربيع بهن والزهر
إلى أن يقول:
في كل قرن هلّ أندلس
ينعي لنا استشهادها القدر
كثرت مآسينا وما طويت
آثامها وتفاقم الخطر
أو هل نسينا القدس أو خملت
منا المشاعر فهي تنتحر؟
لاعتب إن هزأ الغزاة بنا
مادام يحمي أرضنا الغجر
كما ذكره الأستاذ عبدالله الشباط في كتابه (أدباء من الخليج العربي) بشكل مبسط، وقد عزى ذلك إلى عدم وجود آثار مطبوعة للشاعر. ومن قصيدة له بعنوان (دارين المسك) يقول الجشي:
نثرت أكاليلي وفتقت نسريني
وقبلت من آثارها كل منون
كما عانق الريحان طاقة ليمون
على ألف نبع ثائر كالبراكين
وبحر من البترول في الصخر مدفون
ومجلى اللآلي والينابيع والتين
وبحر بلادي عطره مسك دارين
وقد كرم أهالي القطيف الأديب عبدالله الجشي في ليلة الوفاء والتقدير وذلك في يوم الثلاثاء 11 يناير 2005م، لأن الجشي يعد أحد الأعلام الفكرية في دول الخليج العربي. وقد ألقى قصيدة بعنوان (يوم مولدي) قال فيها:
اليوم أعلن مولدي
وأقول يا فجر اشهدِ
لكم انتظرت وما يئست
وما وهنت لمقعد
يا إخوتي شكرا لكم
للشعب أكرم سيد
كم أسأل الأيام أين
مكانتي أو مقعدي
حسبي وقد أوقدتم
حولي الشموع لمولدي
وقد ذكر الكاتب الصحفي محمد رضا نصر الله في كلمة له في ذلك الحفل عن موقف حصل له في منتصف السبعينات في مكتب الأديب الكبير توفيق الحكيم بحضور الأديبة الدكتورة بنت الشاطئ عن الأستاذ الجشي، وكيف أن الأديبة أبدت إعجابها بالشاعر الجشي.
وفي قصيدة للدكتورة ثريا العريض بعنوان (سبعة إيقاعات) تمدح الجشي، قالت:
آه يابن القطيف
أي أطياف درب الصبا نستضيف؟
بورك الشعراء
بورك الشعراء
طوبى لأنوانهم
قبلنا وقفوا استعبروا
واستعاروا القوافي
أشعلوا جذوة الوجد في بارق بخريف.
إعداد: محمد حيان الحافظ
لاتوجد تعليقات بعد
محرر الموقع