الدكتور عائض القرني من منبر نادي الشرقية الأدبي تحية إكبار للجيل التصحيحي
امسية الدكتور عائض القرني بنادي المنطقة الشرقية الأدبي
إن المنعطف الحقيقي الذي جاء صوته عاليا ولم يكن معتادا او متربعا على كراسي المنابر الثقاقية في الاندية الادبية جاء نبعه من طرح الأديب الداعية الإسلامي الدكتور عائض بن عبدالله القرني الذي دعاه نادي الشرقية الأدبي لإلقاء أمسية أدبية بعنوان السحر الحلال كأول أمسية قدحت الزناد وارتد صدى الصوت نحو المطالبة الجادة من دور المؤسسات الثقافية والأدبية بأن تتبنى القرآن الكريم النص الأول في الأدب دراسة وتحليلا وتقدمه كأمسيات أدبية تكشف مكنونات وأسرار أوجه الإعجاز والبلاغة في القرآن الكريم .فقبل أن يعلن الأديب محمد بن عبدالله بودي رئيس نادي الشرقية الأدبي ومقدم الأمسية عن إقرار مجلس النادي لأول جائزة على مستوى المملكة في الدراسات اللغوية والبلاغية بالقرآن الكريم تحمل اسم عبدالعزيز بن أحمد بودي كان الداعية الأديب الشيخ القرني في أوج طرحه الرفيع المستوى علما وذوقا يلوم الذائقة الأدبية التي جرفتنا وسحبتنا نحو أتون القصائد الهجائية ومقاصدها ومتاهاتها الوعرة التي أصابت النفس التوقاه للجمال والإبداع بالعجز والاحباط والشرود صوب تحليل تلك الهجائيات الفاشلة والتي يأسف بأن أقسام علمية في الجامعات كانت تتبنى وتدرس هذا النوع من الشعر الفاشل والمحبط.وسارع الشيخ الأديب القرني إلى امتداح هذا الجيل التصحيحي الذي يقول عنه بأنه صحح لنا جميعا ذلك المسار الذي كنا نهرول فيه نحو نقائض جرير والفرزدق والتي لم نجن منها سوى السب والشتم واغرقتنا في مضامينها التي لم تمنحنا أدبا رفيعا يرتقي للذائقة الشعرية منتقدا فحوى الرسائل العلمية التي تحدثت عن نوع كهذا .ثم أورد الشيخ القرني بعضا من الشواهد المدللة على مفهوم السحر الحلال جاء ببعض منها ما هو متعلق بما أبدع فيه شعراء عظام وقصائدهم تعتبر من عيون الشعر ومنهم أبو تمام والمتنبي الذي أظهر تأثره الفاعل مما في عمق قصائدهم من معاني رفيعة المقصد والمعنى معطيا جانبا واسعا من الحديث حول أوجه الإعجاز والبلاغة في القرآن الكريم متحدثا عن بحثه في هذا المقام وهو بعنوان الاقتران وبلاغة تصريف الكلمة في القرآن الكريم بالمعنى ضاربا على ذلك بأمثلة متعددة تتناسب مع حجم هذا الطرح العلمي ليؤكد أن إعجاز القرآن هو نص الأدب ليعود مرة أخرى مقررا بأن العرب مرجع البيان ولا توجد أمة مثلها أقامت أسواق للكلمة تصارع فحولها حول هذا المفهوم حيث هي الأمة الوحيدة التي حاكمت اللفظ والجملة مثل النابغة الذبياني وغيرهم من أساطين وجهابذة الحرف واللغة . ثم عاد ممازحا الحضور بلغته الطريفة قائلا إن حضور الوعظ يأتي بالوف البشر بينما حضور الجملة والكلمة الأمة معها ومع الفصاحة تعيش الأزمة ليستدرك بقوله انتم نخبة الأدباء ننتقل معكم من دوحة وروضة إلى أخرى معددا في ذات السياق بعضا من السحر الحلال الكامن في جمالية الكلمة ومستحضرا بعضا من شوارد هذا الجمال المتمثل في الليل مثلا عند الشعبي والوطن عند ابن الرومي وغيرهم من صناع الكلمة من شعراء العصور والدهور.وطالب في نهاية الأمسية بإنشاء معاهد لتعليم الخطابة والإلقاء حتى يظهر جيل ترتقي ذائقته الأدبية حيث تخلل هذه الأمسية بعضا من ابياته الساحرة ومنها قصيدة ( سلا القلب) التي كتبها وهو في سن الثامنة والثلاثين من عمره جاء بملمح جميل منها وبالقاء بارع حيث يقول فيها ...سلا القلبُ عن غيدٍ صفتْ وحسانِوأهمـل ذكـر المنحنـى وعمـانِوما عادَ يُلْهِينِي الصبـا بأريجـهِولـو فـاح بالرَّيحـانِ والنفـلانِوخطَّ برأسي الشيب لوحة عاشـقٍيقـول احذرونـي أيهـا الثَّقـلانِوكنا نـرى أن الزمـانَ مساعـدٌوأن المنـى والسعـدَ مؤتلـفـانِإلى أن كَبِرنـا واستفدنـا تجاربـاًأحالت ظنونُ الغيـب رأي عِيـانِشربنا ليالي الصفو في كأس غفلةٍوناهـزتُ بعـد الأربعيـن ثمـانِفمـرَّت كأحـلام الربيـع سريعـةًفأيَّاُمهـا فـي ناظـريَّ ثــوانِفلو أنني أرمـي بقـوسٍ دفعتهـابقـوةِ بـأسٍ واحتـدام جـنـانِولكنَّ قوس العمـرِ ينفـذ أسهمـاًومـا للفتـى فـي ردِّهـنَّ يـدانِوفي أربعين العمر وعـظ وعبـرةٌويكفيك علمـاً شاهـد الرجفـانِومن كملتْ فيه النهـى لا يسـرُّهنعـيـم ولا يـرتـاع للحـدثـانِفلا تسمعني وعظ قسٍّ ولا تسـقْعلى مقامـاتٍ الفتـى الهمذانـيفعندي مـن الأيـام أبلـغُ عبـرةٍعلـى منبـرٍ تلقـى بكـلِّ لسـانِولما اتخذت العلم خدناً وصاحبـاًتركت الهـوى والمـالَ ينتحبـانِجعلتُ القوافي الصافنات مراكبـيكأنَّ الضحى والليل قـد حسدانـييقولون لي فيـك اندفـاعٌ وحـدَّةٌفقلتُ جمال البـرقِ فـي اللمعـانِولو كنتُ في دهرٍ سوى ذا رأيتنيعلى غاربِ الجوزاءِ خـطَّ مكانـيأتيتُ بعصرٍ غير عصـري وإننـيغريب فعصري مفلـس وزمانـيولي همَّة لو أن للدهـر بعضهـالأمست له الأفـلاك فـي حفقـانِوما كنتُ مما يسلـب اللهو قلبـهوكيف وفي الأعماق سبع مثانـيوفي خلـدي ذكـر حكيـم مرتـلٌمعـاذ إلهـي ليـس فيـه أمـانِولي خاطرٌ كالسيل تدنـو زحوفُـهُوجـودةُ ذهـن فـاضَ كالزبـدانِولا عيب لي إلا طمـوح مزلـزلٌيظلُّ فـؤادي منـه فـي غليـانِوأرسلتُ للأيامِ (لا تحـزن) الـذيبه من بنات الفكـر كـل حسـانِفسار مسير الشمس شرقاً ومغرباًوصار حديث القـوم كـل زمـانِودبَّجتُ للفصحى مقامـات شاعـرٍكلوحـة فنـان ونـثـر جـمـانِوتسعون تصنيفاً تكامـل حسنهـانجـوم سمـاء أو عقـود غـوانِوألَّفتُ تفسيـراً عظيمـاً ميسَّـراًلـه روح تحقيـق ووجـه بيـانِولا فضل لـي فيهـا فلله وحـدهثنائي على ما خصَّنـي وحبانـيوجدي أويس الأزد أفضـل تابـعٍعلى صدق قولي يشهـد القمـرانِفلا تحسبِ الأنسابَ تنجيكَ من لظىولو كنتُ من قيسٍ وعبـد مـدانِأبو لهبٍ في النار وهو ابنُ هاشـمٍسلمانُ في الفردوس من خرسـانِفـلا تُلهِـكَ الدنيـا بلهـوٍ فإنَّـهُيُعاقُ مسيـر الشمـس بالدَّبَـرانِفقد هَدَّ قدماً عرش بلقيسَ هدهـدٌوخرَّبَ فـأرٌ مـا بنـى اليمانـانِهذا وفي ثنايا هذه الامسية قدم الأديب محمد بودي شاعرين نطقهما للفظ جميل حيث لاقت قصيدتهما إعجابا من الأديب الدكتور عائض القرني والحضور أجمع وهما الشاعر حمود الجويرة وسليمان الحميدي كما توالت المداخلات وتنوعت ومنها مداخلة الدكتور سعيد عطيه أبو عالي مدير عام التعليم بالمنطقة الشرقية سابقا ونائب رئيس نادي الشرقية والباحة الأدبي حيث عرض في مداخلته مرحلة من مراحل التكوين الثقافي التي عاشها وتأثر بها خاصة ما ذكره عن أستاذه في الثقافة الاسلامية الشيخ علي الطنطاوي وكيف كانت بداية معرفته بالشيخ عائض القرني الذي تعرف عليه عن طريق شريط صوتي استمع إليه بصورة خاطفة في أحد شوارع مكه فقرع صوته وطرحه آنذاك في أذنه ومن ثم بدأت رحلة التعارف بعدها . وفي نهاية الأمسية قدم رئيس نادي الشرقية الأدبي درعا تذكاريا للشيخ الدكتور عائض القرني .
لاتوجد تعليقات بعد
محرر الموقع