ضرورة النقد هذا ما يلح علي وأنا اطالع دائما الإبداعات الشعرية والقصصية، وحتى التشكيلية تحترق في صمت وتملأ فراغا على الساحة الإبداعية، ربما قد خلا لفترة طويلة وخصوصا في مجال الرواية والشعر.. لن أذكر الأسماء فهي كثيرة وخاصة على الساحة السردية والتشكيلية، التي أنا أكثر التصاقا بها عربيا ومحليا..

إبداعات ما كنت أتوقع ان تكون مثل ما هي عليه من الأصالة، واستيعاب أشكال الحداثة وتيارات المعاصرة، وهذه ليست شهادتي وحدي ولكنها شهادة اكثر النقاد على الساحة العربية..
أمل ينبت في داخلي فرحا، فميلاد مبدع (جيد) في أي بقعة كانت من بقاع الوطن الكبير، إنما ينبئ عن مد جديد لجزر سابق، وهذا ما نشهده الآن.. ملامح شعرية وسردية جديدة تتشكل في صمت وتشق بعناء طريقها، ونقد غائب لا يواكبها، ولا يكشف لها أين تكون من الحركة الابداعية العربية وأين مواطئ قدمها على الساحة؟

لا أحد يستطيع أن يقول إن الساحة تخلو من نقاد أكفاء، ليس على المستوى المحلي فقط ولكن على المستوى العربي.. ثمة اسماء لها حضورها ومشاركاتها في المحافل الخارجية، ولكنها  لم تشغل نفسها بمنتج الساحة هنا ولذا، كان الجهد والاجتهاد الشخصي للشعراء والكتاب إضافة إلى إبداعاتهم الشعرية والسردية  في محاولة منهم استبيان طريقهم، وتقديم انفسهم على الساحة، يلجأون الى الكتابة النقدية التي لا تكون في المستوى الابداعي لهم،  وينتشون فرحا عندما يأتي تقييم أعمالهم والكتابة عنهم من الخارج لا من الداخل، وقد يكون هذا النقد واعيا لأبعاد هذا الإبداع وغارقا في همومه.
 وقد لا يكون، فيأتي في النهاية شكل من اشكال الكتابة (اللا واعية)، والتي تضر اكثر مما تنفع وأمامي الآن اشكال من الكتابة، سمح لها خلو الساحة النقدية ان تطرح نفسها وتثير ما أثارته من القضايا، التي اهمها كما اسلفت ضرورة النقد "الواعي"..
لا أحد يستطيع ان يقول إن الساحة تخلو من نقاد أكفاء، ليس على المستوى المحلى فقط ولكن على المستوى العربي.. ثمة أسماء لها حضورها ومشاركاتها في المحافل الخارجية، ولكنها لم تشغل نفسها بمنتج الساحة هنا ..ما دفع الى حالة من الارتياك واستسهال الكتابة، فثمة اعمال عديدة تحمل تصنيفات أدبية، منها ما هو رواية او شعر او قصة او غيرها، ولكنها لا تمت الى هذه الانواع الأدبية بصلة.
فهل ستشهد الساحة وقفات نقدية للاعمال التي تطرح كل يوم دونما فهم لماهية الابداع، والنوع الادبي.. فثمة خلط مرير ومحاولات لتأكيد الوجود وطرح الاسم لاكتساب شهرة ما.. والقضية ان من يتعرض لقراءة هذه الاعمال لا يحملون من فهم النقد الا اسم المصطلح والمشكلة ان اعمالهم يسبقها مسمى ناقد؛ مما يخدع بعض الكتاب الموهوبين ويضعهم في دائرة الخطر، اذ يسمو المتناقدون بأعمالهم إلى مراتب كبار الكتاب.
إنني أدعو إلى أن يعود النقد والنقاد إلى ما كان عليه سابقا، وان يضع النقاد في دوائر اهتمامهم ابداعات الساحة وخاصة الابداعات الشابة، وان يحظى النقد التطبيقي بمساحة من الوقت والجهد توازي ما يتجه نحو دوائر التنظير التي هيمنت على المنتج النقدي.
وفي دائرة التناقد المؤلم، قرأت دراسة عن الشعر والأدب السعودي، بعنوان فضفاض يتطلب الماما كبيرا ومصادر كافية، وقدرة على الكتابة، ولكن الذي حدث ان الكاتب فجعنا في مقدمته، إذ قال "قد يكون من المفيد ان اسجل هنا ان في هذه السلسلة من الدراسات عن الشعر والأدب السعودي التي أقدمها تعتمد في الأساس على قصاصات الصحف والمجلات السعودية، التي تزخر بها محفوظاتي وأرشيفي الخاص، انه وحتى يومنا هذا لم يقع في يدي ديوان شعر يحمل مجموعات شعرية لأي شاعر من شعراء المملكة!"، الكلام هنا للكاتب الذي رغم عدم وجود مصادر لديه سوى قصاصات الصحف، فانه قد تصدى بكل جرأة للكتابة عن الشعر والأدب السعودي، واترك لكم ان تتخيلوا ماذا سوف يكون؟
 أما الشكل الثاني فقد قدمه صاحبه في "كتاب" تحت عنوان واسع ايضا، وهو دراسات عن القصة في السعودية ودول الخليج ايضا!
وكل ما قدم على اتساع هذا الكتاب، لا يحمل حتى صفة المقالة، فلا هناك دراسة ولا يحزنون وحتى الأعمال الإبداعية المنشورة، لم تغط السعودية، ولا حتى اليمن، فالخليج العربي في نظر المؤلف دولتان فقط.. والكاتب لم تتوفر له الرؤية النقدية، ولا المصادر الكافية مثل سابقه..
 اما الشكل الثالث، والذي صدر في كتاب عن ناد ادبي، فقد توفرت له المصادر والالتحام الحميم بالشخصيات المبدعة فماذا كتب؟
لا داعي للاجابة
فقط أردت ان اقدم هذه الأشكال من الكتابة "النقدية"؛ لأؤكد على ضرورة النقد ممن هم يملكون القدرات على الساحة المحلية أو خارجها، بشكل يثري ويفيد الفعاليات المحلية المبدعة، ولا يضر بإيقاعها المتصاعد.

المصدر : جريدة اليوم